الاثنين، فبراير 03، 2014

I . C . U

منذ فترة لم أجد ما يكتب هنا . هجرة قسرية للمدونة الى مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى التي تختصر ما تريد تفريغه من عقلك ب 140 حرف  . لكن بعض المواقف تحتاج الى أكثر من 28 حرف من الأبجدية التي تم استهلاكها في الأفواه و على الكيبورد المعتق ببصمات الأصابع التي تتقمص دور الألسنة  هنا  .


"قبل البدء حاول أن تقرأ بقلبك لا بعينيك "


الباب الذي أمامي يفتح بتوقيت . مستشفى و فوبيا تصيبني عندما أرى تلك الشراشف البيضاء تتلحفها أجسام أنهكتها الحياة تحت مسمى التصيب و القدر
أمام بوابة كبيرة آلية تفتح بكرت ممغنط تحت لافتة كبير كتب عليها بأكثر من لغة " غرفة العناية المركزة "
لا توجد عبارات أخرى و لا توجيهات . مجرد صمت يدير المكان بهيبته
ألوان الجدار الرمادي و التي تغطيها أجسام متكئة و بعض النوافذ العقيمة و أبواب لا تلتفت لما كتب عليها لأنك مشغول بذلك الباب الكبير الذي تتهافت اليه الانظار
و نوافذ عريضة جانبية تمكنك من رؤية من تزوره اذا سمحت لك الممرضة و ادارت الستارة بشكل روتيني معتاد .تشدها بشكل عنيف و قوي و بيدأ التواصل بالاشارات مع من بالداخل و يخيم الصمت على الموقف و الايدي تلوح لهم
هم من يرقدون مرضى . و نحن ؟ من نحن ؟
و عند انتهاء الوقت المخصص للزيارة يسمح لك بالدخول الى تلك الغرفة الزجاجية الكبيرة لمدة دقيقة يقرر عدد الثواني فيها رجل أمن . فمن الممكن ان تتجاوز عدد الثواني 100 .و بطريقة عد أخرى تجده يقف فوق رأسك بعد الثانية 15 ملوحا لك بانتهاء الوقت . لن تعترض فالموقف لا يتحمل
في بداية التجربة لم تتراءى أمامي الوجوه و الصور . و لا صوت فما حولك هو مجرد ضجيج و اصوات اقدام و عربات تجر  فأمام الباب الكبير تجلس لتأنق كلماتك التي ستقولها بالداخل . تستعد لتكون قويا متماسكا مبتسما ايجابيا لتقنع من يخصك بالداخل ان كل شيئ على ما يرام
تفتح البوابة و يشير اليك رجل الامن بالدخول و يعرض لك ساعته . لم تسمع شيئا مما قاله و تتجه مهرولا الى سلة و ترتدي ثوبا معقما أخضر اللون و تتجه الى السرير و تفقد كل الكلمات التي حضرتها و يبقى ذهنك شاردا . ربما تبتسم ببلاهة و لا تجد غير الامساك بيد مرتجفة علك تدفئها و تمضى الثواني و تخرج و يسكنك الصمت و الصمم
بعد عدة أيام تعتاد الألم و الخيبة و بدأت الوجوه و الأصوات التي حولي مألوفة فأنا اراها و اسمعها يوميا
لم اتوقع ان هذه الاعداد من الناس تقف حولي دون ان انتبه لها . أطفال و نساء و عجائز متكئة على عصى
من جميع الجنسيات و الاعراق و الاديان يتشاركون التجهم و اللهفة و الهرولة دون الاتفات الى الوراء
و دموع تفلت منهم رغما عنهم عند خروجهم و تمتمات تسمع بينها كلمة الله
جميعهم متمسكون بأمل جميل و يسكنهم الحزن و التعب و الارهاق 
" مجموعة من الرجال من ايران   تدخل بعزم و قوة و تخرج منكسرة و باكية
. طفل  عربي يدخل بخوف و رجفة و يخرج ببطئ لينظر للجميع
فتيات فلبينيات  يتجمعن و يبكين و يضحكن بنفس الوقت
عجوز و معه حفيده او ابنه
طفل بالعربة  . رجال دين . مجموعة من رجال يلفون راسهم بالوان غريبة حفاظا على شعر لا يقصونه حسب تعاليم السيخ
لغات و روائح مختلفة من جميع بقاع الأرض تقريبا
لكن لغة واحدة تستطيع تمييزها من بيع كل اللغظ . اعينهم و نظراتهم الى ذلك الباب الممغنط و لهفة الدخول و انكسار الخروج
ادميتهم الاولى تعود .. غريزة الحزن
دعاء الى اله يعبدونه يتمنون رحمة من يزورونه


يا رب اشف كل مريض ................. كل انسان