الأحد، يونيو 07، 2009

بانتظار زهر اللوز



رفعت سماعة الهاتف اتاها صوته متعبا و خافتا : احضري نقودا معك و الحقي بي الى مركز الشرطة الكائن في .......

و دون ان يكمل و تسمع العنوان تاهت افكارها : ليست الى هذه الدرجة يا ...... مركز الشرطة بعد منتصف الليل ؟ زودتها كتير و اتصلت باحد اخوته ليساعده على الخروج من المازق الذي تعودت عليه منذ اشهر

....مرة سكران و مرة اخرى تقبض عليه الشرطة في احد الشقق المفروشة للعب القمار و اخرى و اخرى ....


نفخت دخان سيجارتها في الهواء و احست ان النار تخرج من صدرها كتنين مكبوت لالاف السنين .احرق ذلك التنين كل مشاعر الانوثة بداخلها و حولها الى "مجرد حضور" تغيب عنه ملامح الانثى - هي موجودة و لكنها تلبس جلدا اخر غير جلدها

من الممكن ان تعتبر نفسها كرسيا او طاولة او اي شيئ غير ان تكون انسانا



من الصعب علينا تقبل فكرة اننا نستهلك فقط لاننا لدينا قدرة على العطاء
لكن هل يبقى للانسان قدرة على العطاء بلا مقابل - بلا تقدير و ان عطاءك واجب عليك
هذا التفكير يقودنا دوما الى قتل مشاعرنا بداخلنا دون ان نشعر و تصبح دون ان تشعر مجرد حضور لن يؤثر

(اهذا ما كانت تتوق الي فعلا ؟ )



- حان وقت التصرف . لن ابقى هنا دقيقة بعد الذي حصل و بدات بتوضيب حقيبة صغيرة لها و اتصلت باحد اخوتها



ولم يرفع احد السماعة ,اتصلت بامها و ما ان قالت لها على الذي حصل ردت عليها بصوت رزين :



- الصباح رباح - بدك تجلطي ابوك على هالليل - بكرا بنيجي بنحلها - ما انتي خلص حطيتيها ببالك......



ذهلت من الرد المفاجئ لامها



ارادت ان تتاكد ان هذا الرقم عائد لبيت ذويها فعلا فاعادته - رفعت امها سماعة الهاتف و ردت :



- يا بنتي الله يهديكي مرقي هالليلة



اغلقت الخط و فتح الباب فاذا بزوجها يدخل الى المنزل فنظر اليها و الى حقيبتها الصغيرة و بدا بتوجيه الشتائم الى ان ضربها و ترك اثرا واضحا على وجهها



بداية الطريق



هكذا قررت ان تسميها




او بالاصح ابتدا الطريق الى نهاية هذا الزواج , منذ زمن لكنها لم تستطع ان تقنع من حولها بما تفكر به فقد طلبت الطلاق اكثر من مرة و لم تنفع دموعها و لا رجاؤها لزوجها او اهلها فقررت ان تخلع زوجها - نعم الخلع -

غريبة تلك المجتمعات التي تتدثر بالدين كغطاء لها - تحجب النساء عن الرجال و تبدا بمحاسبة اي انثى و بالمقابل تعطي صكوك الغفران للرجل بحجة " الرجال قوامون على النساء " و لم يكلفوا انفسهم باتمام الاية " بما فضل الله عليهم " و ان للتفضيل امور و امور

لن تستطيع ان تتحمل ما وصلت اليه أو بالاصح ما اوصلها زوجها اليه مرت اربع سنوات على زواجها حاولت جاهدة ان تغير واقعها و تجعله مقبولا اكثر - لم يكن زوجها هكذا عندما تزوجا كان شابا عاديا بلا طموح كبير يعيش يومه و كان العمل بالنسبة له اهم من كل شيئ


صدم في اعز اصدقائه عندما قام بالنصب عليه و قام بسرقته في مشروعهم الاخير الذي تسبب بعدها باغلاق مكتبه الهندسي . و منذ تلك الحادثة لم يعد يطمح بالعمل او يريده و اصبح يعتمد على راتبها لينفق منه على نزواته و مشروبه و وصلت الى لعب القمار و الاستدانة اكثر من مرة الى ان علمت بطريق الصدفة انه رهن المنزل الذي ياويهما ليسدد بعض ديون القمار المتراكمة عليه



قالت لها حماتها في احدى المرات عليك ان تتصرفي ,

" لو انك خلفتيلك ولد كان خاف عليه و على مستقبله و التزم بشغل او فتح مكتب جديد بس شكلك ارض بايرة "

طعنت تلك الكلمة انوثتها التي بدات تفقدها شيئا فشيئ و ذهبت الى الطبيب الذي انتهى من معاينته و قال لها

" انت ما فيكي شي بس ممكن يكون عند زوجك - حاولي يكون معك المرة الجاية لنتطمن "

حاولت مرارا و تكرارا اقناعه لكن بلا فائدة لكن كيف سيهز رجولته و فحولته بالذهاب الى الفحص هو بالاكيد سليم لكن العيب فيها الى ان استسلمت للقدر و قالت كلو من عند الله , لكن الى متى؟


لم يتوقف عند خيانتها و اخذ مالها بل صار يضربها كلما اعترضت او ابدت امتعاضها

ما يصدمها بالموضوع ردة فعل والديها السلبية


وان تعيش بذل و اهانة خير لها من ان تتطلق و عندما لجأت الى محامي اختصر لها الوقت و الجهد " لا خلع بدون ولي امر في هذه البد "

كيف لهم ان يختصروها و هي في منتصف الثلاثينات بولي امر . و من المفروض ان من تكون في سنها اما وولية امر

نزلت من مكتب المحاماة و هي تائهة


اي قانون هذا و اي مجتمع لا يقبل ان تعيش المراة بكرامتها و يقول عنها مطلقة و يحجرها تحت هذا اللفظ الذي يفرض قوانين عليها لمجرد انها ارادت ان تختار طريقها و اسلوب حياتها

اي مجتمع هذا الذي يطمئن على الانثى مع رجل سكير و مقامر خير من ان تعود الى بيت اهلها
صوت بدا لهابعيدا و ارتطم راسها بالارض
استيقظت ورات امها تجلس نصف نائمة بقربها

- ماما وين أنا ؟



- حمد لله على سلانمتك انت في المستشفى يا دلي عليكي و على حظك

اغلقت عينيها و تمنت ان تفقد السمع و البصر و كل حواسها لدقيقة فقط لتسترجع ما حصل لها و لكن تمتمات امها عن الحظ و النية جعلتها تستعجلها في طلب الطبيب

عادت الى منزل امها بعد شهر لم تر فيه زوجها الا مرتين متتاليتين في المستشفى و من بعدها لم يعد لزيارتها ابدا
لم تكن تستطيع التحكم في الكرسي الذي سيرافقا طوال حياتها ,عجلاته تبدو اكبر و ليس من السهل التحكم فيه , طمأنها الطبيب انها مع مرور الايام ستتعود عليه
و عندما الحت بالسؤال عن زوجها و لم لم يعد يزورها اخرجت امها من خزانتها ورقة بيضاء


ورقة تمنت ان تحصل عليها لتستمر بحياتها كانسانة .

لقد طلقها الان لانها لا تستطيع العناية بنفسها فكيف ستدير شؤون بيته و كيف ستكون مؤهلة لخدمة زوجها و رعايتة و تلبية رغباته ؟


- معلش يا حبيبتي لا تزعلي حالك , هدا رجال بدو مرة تخدمو و تقوم فيه انت هلا الله يشفيكي لتقومي بتلاقي حياتك و سترك مع واحد تاني
خمس سنوات تحاول ان تحصل على حريتها و انسانيتها و حاربت المجتمع و الاهل و العادات و التقاليد و لم يقف في صفها احد

لكن و بعد الحادث الذي تسبب في شللها حصلت على حريتها و هي مقيدة بكرسي يفوق وزنه وزنها مرتين


و مع ذلك تبرر امها اقرب الناس اليها ما فعله في الماضي و يفعله و ستبرر لاي رجل

هكذا تربت و عاشت و ستبقى " للرجل ما لا يحق للانثى في كل شيئ "


" انت عيب تسوي هيك بس هو رجال ما عليه لوم "

و بعد شهر سمعت انه تزوج احدى قريباته و ذهب ليعمل في بلد اخرى و بقيت هي تنتظر زهر اللوز ان يتفتح















هناك 10 تعليقات:

غير معرف يقول...

اتعلمين يا جفرا
يوجد بشر يقتلوننا بهدوء شديد
لنتشرّد في اقاسي الوجع
وكانه محكوم علينا ان يسكن الظلم
ما بين عينينا..فنصبح بذلك منتهيّ
الصلاحية
بانتظار شروق الشمس في زوايانا
لروحك براعم لوز أزهّر

ماء تشرين يقول...

ياااه ياجيفارا الحكايه دى فى كل بلد عربي مسلم للاسف لانهم لايفقهون معنى الاسلام الولد يتربى كالطاووس ويحيا كالطاووس للاسف انها لو كانت خلفت ولد كانت هتربي بنفس الطريقه المشكله انه احنا كده وكان الرجل هو كل حاجه والمرأه خلقت لتخدمه وترفه عنه وهى التى تدافع عن قيام البت وعن بقائه انها كل شئ

قصه واقعيه مؤلمه

تقبلى مروى

لبنــــــــــى يقول...

ياسمين
في زوايا تلك الحياة الضيقة في بعض الاحيان تخبو فينا و تنطفئ شمعات لتحولنا الى منتهي الصلاحية
مهما كنا و مهما ارتفعنا نحتاج دوما الى من يشعل تلك الشمعات

لبنــــــــــى يقول...

ما تشرين
الواقع انها قصة ليست واقعية بل من نسج خيالي تماما
و محاولة لكتابة و صياغة عدة افكار و ترجمتها الى قصة لكنها غير واقعية
عند قراءتي لعدة قوانين و عدة كتيبات عن حقوق المراة و سماع معاناة بعض من حولي تكونت تلك الخربشات
التي اتمنى ان ترقى لتكون فكرة في دواخلنا



مرورك اسعدني
تحية

Kalimalhus يقول...

قصة موجعة للقلب و أكثر ما يوجع فيها هو واقعيتها فكثيرات يتعرضن لأوضاع ظالمة كهذه فى بلادنا .. هذا القانون الظالم يستحق حملة لتعديله فلابد أن يكون ثمة نافذة و لو ضيقة تستطيع بها المرأة أن تفلت من مثل هذا الوضع الخانق .. ليس هذا كافيا بذاته طبعا لأن كثيرات جدا من يستسلمن لضيم أكبر و يصبرن لظروف مجتمعية مختلفة.. و لكن تغيير المجتمع يحتاج إلى وقت أطول كثيرا من تغيير قانون ..

أحييك على إختيار الموضوع و روعة الصياغة ..

ملحوظة.. شرفتنى بالزيارة و التعليق على تدوينتى الأخيرة و لكنك تركت تعليقك فى التدوينة السابقة عليها .. و قد رددت عليه فى نفس المكان .. أذكر هذا حتى لا تظنى أنى لم أنشر تعليقك إهمالا أو عمدا فأنا تشرفنى زيارتك و أرجو منك تكرارها..

دمتى بخير..

لبنــــــــــى يقول...

مهندس حر :
اظن ان من واجب الجمعيات النسائية و الاتحادات النسائية
ان تقوم يثورة لتغيير القوانين التي تجحف بحق المراة و طبعا بشكل يتناسب مع التعاليم الدينية و الاجتماعية
لكن هم لهم اولويات مثل استضافة فلانة من فرنسا و علتانة من امريكا لاقناعهم باننا بشر
و طبعا لا فائدة
هم مو فاضييين للمراة العربية
بس للطبخات العربية اللي لازم تنعمل للضيوف الاجانب
طبعا مش الكل البعض منهم مشغول بعروض الازياء للعبايات و اي تطريز بناسب المراة العربية

بالنسبة للتعليق يمكن فتل راسي من قد ما تجولت بمدونتك فاعذرني :)

شرفتني بزيارتك و تعليقك
يسعدني دوما تواجدك
تحية

ماء تشرين يقول...

جيفارا هو انت فين مش باينه ياعنى مش تغيبى كده

لبنــــــــــى يقول...

هون و ما بغيب بس فترة اختبارات :(
شكرا لسؤالك
كلك زوء

غير معرف يقول...

واو جفرا..
إسمالله عليكي عندك قدره لمدى واسع بالخربشه هيهيهي..

إنو عنجد هل قصة من الواقع يلي عم نعيشو شي مو جديد بال مجتمعات العربيه.... للأسف أد ما زادو " على أساس انون عم يزيدو " بحقوق المرأة بيضل في نقص.. عنجد شو عمرا بتلاتينات وبدا ولي أمر تا تخلع زوجى ...!!

كل شي بتكتبيه أنا بحبو عنجد، وطريقة التعبير دايمن بتعطي الموضوع شكل و روح بتحسسني بإرتياح وأنا عم بقرأ ..

سي يو :)

لبنــــــــــى يقول...

شايفة يا جمانة شو عم يصير فينا باسم الدين و العادات و لكن للاسف الجهل و الاستسلام خلت منا مجرد منفذات للامر الواقع

وجودك يسعدني هنا
و شكرا لكلماتك الرقيقة
تحية :)