الأحد، مارس 20، 2016

لست شيوعية و لكن ..........

لم اعرف متى التصقت بي هذه التسمية . خلال كل نقاش أو إبداء رأي يسالني أحدهم " أنت شيوعية ؟" احيانا باستنكار او بنظرة سخرية و احيانا اخرى بفضول او بنظرة اللا شيئ
لم اذكر يوما انني اجبت بلا او نعم و احيانا اضحك كاجابة وافية و لم تكن هناك ( نعم او لا )
من يصنف الاشخاص فكريا " و هم كثر في عصرنا هذا " دائما متاهب للهجوم او الدفاع او اثبات وجهة النظر , وجهة النظر التي تتضمن رايه و لا مكان لراي اخر
لم اكن قارءة جيدة للفكر الشيوعي و لا اتذكر شيئا مما قراته عن اي رموزها لكنني اتذكر الشاب عادل الذي كان في فصل التخرج بينما انا "سنفورة " حديثة العهد بمقاعد الجامعة و مقاهيها . كنا نتحدث عن بعض الامور و تفاجأ من فكر  السنفورة التي قابلت يوما ناجي العلي و قرات لغسان كنفاني و انني انتمي لعائلة للان تتحدث بأمر " البلاد " و اب يستطيع ان يبصق على الشاشة ان ظهر عرفات فيها
اتذكر عادل الذي يجمع عمال الكافيه الذي نقضي فيه معظم يومنا بعد المحاضرات و يخطب بهم عن اهمية الثورة على الفقر و الكثير من الكلمات الرنانة التي كانت تجعلني اضحك الى ان تقول لي نظرة عادل " اخرسي "
فاسكت كاتمة كل الضحكات و انا اتخيل والدي و هو يبصق بوجه عادل ايضا
سالت مرة ابراهيم " ابو نارة " عامل الفحم و الاراجيل و هو شخص بسيط من كفر الشيخ عن رايه بما يسمعه و هو  الذي يصغي باهتمام و كان كل حواسه توافق على راي عادل فنظر الي و قال " انا لازم احترمه لانه زبون بس هو كافر و هيروح جهنم ان شاء الله " ضحكت الى ان امتلات اعين الناس حولي بالفضول و استحلفني مرة بعد مرة بان لا اخبر احدا عن مصير عادل
ذلك الشخص الشيوعي بامتياز و الذي تربى في بيت فقير يثور على كل شيئ و عندما قابلته مرة صفة بعد سنوات من تخرجه  و هجرته الى روسيا و تزوج احداهن هناك سالته " كيف الحياة معك " اجاب " بشتغل زي الحمار" ضحكت وواسيته بقول " كلنا حمير ربنا " بس انت حمار و ملحد كمان
صداقة الشيوعيين و اليساريين ممتعة و انا ارتاح لصحبتهم لا ادري ما السبب ؟ منهم من يعيش افكاره و يزينها بخطب رنانة قد تفضي اليك بالملل او بالضحك و البعض الاخر محدثين الفكر الشيوعي يجالسك ليتحدث عن الفقر و يدخن السجائر الامريكية و لا يبدا يومه اللا بستاربكس
" وين الشيوعيين و اليساريين القدامى . العراقة و الفكر يجوا يشوفوا شو صار بالفكر اللي انطرح ارضا ؟"
لم يغيروا شيئا و لن يفعلوها حتى لو استلموا مناصب عليا
لم اكن يوما مهتمة بتصنيفي  بل انني لم اواجه مشاكل فعلية بسببه كان لي اصدقاء كثر و لهم توجهات فكرية عديدة و لم اكن لاحدد علاقاتي و صداقاتي بسبب توجهات الاشخاص حولي
و عانيت عند عملي كمعلمة من التمييز في بعض الاحيان . صديقتي التي تصمم ان تلصق الشيوعية بي لم تمل ابدا عن تكرار اسطوانتها و حتى اختي بالمنزل كانت تقول لي هيهم اصحابك و تضحك باستهزاء
فعليا انا لا اتبرأ من محاسن الفكر  الذي اكتسبته من شيوعيتي المزيفة
و لا من حبي لليسار ايضا
و لكن هل يجب علي ان اكون تحت بند التصنيف ؟
في هذه الايام نعاني من مرض التصنيف و ننسى ان الفكر الذي نتبناه يطالب باحقيتنا بالعيش كراما . اننا بشر
الا يكفى ان نقف عند تلك الفكرة البديهية الصغيرة و نفكر مليا ما الذي نريده جميعا بالرغم من اختلافنا ؟
لا اجد ان هناك فكرة تستحق ان ابرر فيها قتل الاخر او ايذائه او حرمانه من حقوقه فقط لانه اعتنق فكرة اخرى " دين - حزب - نهج - اي فكرة "
هل يستحق الوطن كل هذه الدماء التي تسيل منذ الازل ؟ و هل هناك رب يتصف بالرحمة يرضى بقتل الاطفال ببشاعة ليعلو اسمه ؟
هل هناك ما يستحق ان اصف جاري بالخنزير و اخر بعبدة القبور و هي بالكفر و هذا بالزندقة
هل نحن بحاجة لنبي جديد ؟ اشفق عليه من مجرد الفكرة
تخيل لو ان نبيا اوحي له في هذا الزمان المنحط فكريا ؟ اعتقد انه سيحسد الانبياء الذين قتلوا بطريقة تعد بريئة عما سيحدث له
هل نحن بحاجة لقيامة ؟
لم اكن يوما اكره تسميتي بالشيوعية بقدر ما كرهت التصنيف الفكري الذي وضعناه بقوالب لاستخدامه كما نريد و بازدواجية
" هبلة " 
كم من الوقت و الدم سينقضي حتى نتوقف عن كل هذا السم الي نبتلعه و نخزنه في عقل اطفالنا ؟ 

"هذا الوقت سيمضي " لربما بهذه العبارة نخفف عن ما بداخلنا