الاثنين، يوليو 12، 2010

ذكريات تحت الشمس

عندما امر على ذاكرتي الخاصة بالكتب اجدها قوية نوعا ما و اتذكر كل كتاب قراته و الفترة الزمنية التي مرت خلال قراءة هذا الكتاب او كيفية اقتنائه خاصة لو وجدت اثار حبر هذه الكتب مازال عالقا على جوانب عقلي
اتذكر انني قرات رواية البؤساء في الثانية عشرة من العمر و تلتها رواية احدب نوتردام . كنت اتسلل الى كتب يحتفظ بها احد اخوالي لاسرق الكتاب بنية طيبة و اعيده الى مكانه
فالكتب المكدسة فوق بعضها البعض كانت تخفي ما نقص منها و تعطي جرمي الصغير وقته الى ان اعيد الكتاب احيانا امام ناظر مالكها
تذكرت هذا كله عند قراءتي بالامس لرجال في الشمس
تذكرت كيف اقتنيت المجموعة الكاملة لغسان كنفاني من مكتبة الامل في اربد حيث كنت " اتمون" بالكتب قبل عودتي
لم استطع للان ان اتاقلم مع اي مكتبة بعدها و منذ ذلك الوقت لم اعد اشعر بلذة عند دخولي اي مكتبة
اخذت الكتاب من يد البائع بعد صراع مرير على سعره بعدما انفقت كل ما املك من اموال السفر في شراء الكتب و تغليفها ووضعها في صندوق لشحنها
مر الوقت و انا غارقة بالبحث عن عمل و غارقة اكثر بالاخبار التي تتالت عن الانتفاضة و حصار المقاطعة و اخيرا كنيسة المهد
تناولت احد الكتب عن الرف و مسحته بمنديل و انا انظر الى التلفاز و قد امتلات الشاشة بالمحلليين السياسيين و لكنها خلت من الحلول الحقيقة
فتحت الكتاب تنقل شاشة التلفاز الينا صورا من خارج سور الكنيسة و بدات بالقراءة تارة و انا اتخيل ابو قيس المسكين الذي شاب و هو ينتظر الحل و تارة اخرى و انا ارى ان الجيش لم يرحم احدا حتى الرهبان تم تفتيش سيارتهم قبل دخول الكنيسة
و مرة اخرى مع اسعد و هو يهز ابو قيس و اهتزت الكنيسة باول ضربة و نداءات الاستغاثة
و تعاطفت مع مروان و كانت الشاشة تكتب ان المحتجزين الثلاثة عشر داخل الكنيسة مازالوا بخير
و الرجل السمين في البصرة كان يعرف انه ياخذ المال مقابل ايصال الرجال لكن الى اين ؟ هل حقا الى الكويت ام الى الموت في الصحراء ؟
و اطل ابو الخيزران بصفاته الجسدية المكتوبة و اسنانه ناصعة البياض .كنت منذ صغري اكره هذا الرجل و اتخيل شكله بطريقة بشعة و غير محتملة و التلفاز يعلن عن اتفاق هدنة و نتيجته ابعاد المقاومين المحتمين في الكنيسة و بعدها تم فك الحصار عن المقاطعة و ابو الخيزران كان يصيح في نهاية الرواية

لماذا لم تقرعوا جدران الخزان



لماذا لم تدقوا جدران الخزان

ماتوا الثلاثة


و تم ترحيل الثلاثة عشر الى دول مختلفة

ترافق الحدث المؤلم مع كل الالم الذي احس به بعد قراءتي لهذه الرواية . و تابعت النظر الى الصفحة البيضاء التي تفصل رواية عن اخرى و حاولت ان اتجاهل لربع ساعة تلك الصرخات التي دوت في راسي كانفجار

اصوات متداخلة لكن كان صوت ابو الخيزران اعلاها

لماذا لم تقرعوا جدران الخزان ؟
عندما أعدت قراءة رجال تحت الشمس لغسان كنفاني للمرة الالف ( لانني قراتها و قرات لي و قصت لي مرات لا تحصى) بالامس شعرت بتلك الغصة التي تصاحبني دوما في قراءتها و جفاف في الحلق و مرارة
لكن لم يكن ابو الخيزران بشعا ككل مرة . لا ادري و لكن ربما مع الانخراط في العمل و الحياة وجدت الافا من امثال ابو الخيزران و لم يكونوا بشعين الى هذا الحد لكنني ما زلت امقت ابو الخيزران و ما زلت امقت اشباهه . مع ان الحياة تحتاجهم لتكتمل صورة الانسان لا الاله

و للان اسال ذات السؤال




لماذا لم يقرعوا جدران الخزان لم لم يحاول احدهم ان يصرخ ان يخرج




لم ماتوا هذه الميتة




هل عودتهم الحياة على الصبر الى هذه الدرجة ؟ و انها ستفرج




الى متى ؟


احيانا لا يقودنا الصبر الى الفرج




بل يقودنا الى الموت




.




.




.


لماذا لم نقرع - تقرع - يقرعوا - جدران الخزان



نحن لسنا بحاجة للصبر





نحن بحاجة لقرع جدران الخزان






الرواية - رجال في الشمس - لغسان كنفاني - الاعمال الكاملة -


هناك 18 تعليقًا:

Whisper يقول...

بتذكر اول مرّه قرأتها قبل 9 سنين, كنت جديده بالشغل و مكتئبة من الجو, قرأتها بمدّه قليله جدا, من الكتب اللي ما بتقدري تتركيهم و بتشدك

بذكر اني بكيت على قصة رجال تحت الشمس, وانا مش من اللي دمعتهم قريبه, وضل السؤال ببالي " لماذا لم تدقوا جدران الخزان"

شكرا الك ....لانك ممكن تكوني جاوبتيني على هالسؤال

ممكن نكون تعودنا عى الاستكانه, و اقنعونا بان الجبن هو صبر , نسينا انّا لازم نعقل و نتوكل, لازم نصبر و ونتحرك بنفس الوقت

Wafa يقول...

للاسف لم أقرأ الرواية لكن جاري البحث عنها الان الان .

شكرا جفرا :)

نادر احمد يقول...

مساء الشموخ يا رفيقة
عارفة جفرا، انا كنت زيك تمام، امقت الشخصيات الشريرة اللي في القصص والرويات، مثل شخصية المرابي في تاجر البندقية، او مثل اليهود اللي كان يذكرهم تشارلز ديكينز في رواياته، او مثل ابو الخيزران للشهيد كنفاني، لكن لما كبرت شوي شفت انو هاي الشخصيات مساكين بالنسبة للشوفتهم على الطبيعة!!
كل الود

لبنــــــــــى يقول...

اهلا ويسبر
القصص هاي للاسف واقعية لدرجة كبيرة و لما اقتصوا منها طرف و عرضوا بمسلسل التغريبة الفلسطينية كل الكبار بالسن و بابا اكدوا على هاي الحوادث خاصة موضوع الخزانات
اقرايها ويسبر مرة تانية رح تشوفي اشياء انتي ما شفتيها بين السطور يمكن بس الواحد يكبر بصير يفك الرموز بشكل اكبر
و يا ستي عفوا يا ريتني جاوبتك على شي بسر الخاطر :) على راي شتي


وفاء
مع اني بفضل قراءة الروايات ورقيا هادا بالنسية الي بس بهمني رايك بعد ما تقرايها
تحية


نادر وقت ما وصلني تعليقك كنت عم اقرا عن الليبرالية و ضحكت على كلمة رفيقة ( اللي بحبها كتير )
و قلت لو تعرف الرفيقة بشو عم تدور و عم تقرا

هلا انا شخصيا بعد ما عزمت اني اكون من الاشرار بطلت اكرههم بس انا متاكدة اني احلى من ابو الخيزران :)
نورت يا رفيق

نادر احمد يقول...

عمتي مساء يا رفيقة
شو يعني جفرا لو بتقرائي عن الليبراليين، ماهي الإتجاهات امتدادات لإتجاهات سبقتهم، يعني الليبرالين الجدد همي امتداد لليبرالين الأوائل، يعني ممكن انا وانتي نطلع بشغلة جديدة
الرفاق الليبراليين الجدد الجدد، وندز كم مبدأ يساري فيهم، ولا واحد من الأتباع راح يدرى، ما هو نص الناس اللي في اسفل الهرم ما بقرأوا ورق
انا بحب اخد من كل ناس الأفضل، عمري ما بصمت بالمطلق لأي اتجاه
بالنسبة لموضوع ( ابو الخيزران) اكيد انك احلى منو
هاي ما بختلف عليها 2 عميان
هههههههه، بمزح اكيد يا رفيقة
كل الود

نيسآان يقول...

للاسف وضعنا مش صبر ابداً...هو اقرب لقلة الحيلة ... العجز والهوان واذا بدك ذل كمان
لم اكره ابو الخيزران ابداً...حتى من اول قراءه ...مش عارفه ليش تعاطفت معه حتى!!!
مساكي فل جفرا

لبنــــــــــى يقول...

نادر :
هلا اذا مزجنا اشي من هون و مبدا من هناك و كم مصطلح اكيد رح نطلع شي صاروخي سابق لاوانه
بس الاهم هل رح نكون فاهمينوا او مؤمنين فيه
يعني انا قرات قبل هيك عن الليبرالية بس مش بشكل موسع و بما انو الفاضي بعمل قاضي
شخصيا عم بعمل قاضي و بقرا عنها

مقبولة منك يا رفيق

تحية مسائية بس مش ليبرالية

لهلا القلب على اليسار

لبنــــــــــى يقول...

نيسان كيفك ؟
مش عارفة يمكن لما يكبر الواحد بعرف انو المجتمع مش مثالي لهيك بصير يقدر ظروف الاخر حتى لو كان حبر على ورق
بس دايما بسال حالي ( حتى لو كانت رواية )
اهلهم قديش قعدوا يستنوهم بعد هيك ؟
كل مرة بخطر على بالي هادا السؤال بكره ابو الخيزران اللي ما احترم حتى الموت

قط البكتريا يقول...

زمان ماقرائت كتاب , كنت احب تشارز ديكينز ... وكنت احب الروايات العالمية المترجمة والمجلات زي الجيل والمختار دايجيست
والمستقبل والحوادث
بتذكر المكتبة بالبيت زمان كانت متروسة
بس هل ايام من زمان ما فتحت كتاب ومن زمان ما لقيت اشي شدني
خلال السنوات الخمسة الي مرو قرائت ممكن 3 كتب 2 لدان بروان والثالث اسمو عالم صوفي قصه
عموما فقدت الارتباط بالكتب والثقافة وصرت من اتباع الفيس بوك :d

لبنــــــــــى يقول...

قط البكتيريا حتى الفيس بوك رح تلاقي غسان كنفاني
عالم صوفي حلوة
بس بنصحك تقرا لغسان كنفاني انا شخصيا غير ماهلة للكتابة عنو
رجال في الشمس - عائد الى حيفا - و كتير كتير
رح تلاقي فيهم اشياء كتيرة لتشدك
حتى عن الفيس بوك
هادا برايي المتواضع
http://www.facebook.com/GHASSAN.KANAFANI
هيك شخصيات رح تعيش حتى لو كان زمن الفيس بوك :)

تحية

Mahmoud Omar يقول...

تعرّفت على غسان وعلى رجال في الشمس من خلال المنهاج، كانت القصة ولالا تزال جزءً من منهاج اللغة العربية الفلسطيني في واحدٍ من صفوف الاعداديّة، قرأتها بعد ذلك غير مرّة، وفي كل مرة كنت اكتشف المزيد ..

آخر قصصي مع تلك القصة كانت في سيارة اجرة في غزّة، شرح لي في حينها رجل في الاربعين من عمره دلالة عجز سائق الشاحنة الجنسي، مسقطًا ذلك على عجز القيادة العربية في تلك المرحلة، تناقشنا ما سمحت لنا المسافة التي قطعناها جنبًا إلى جنب في المركبة، وكان آخر ما رماه في وجهي قبل أن يترجّل :

أراد غسان أن يقول أن ذلك الجيل قد فشل، لم يتحقق في حياته شعارٌ واحد، مات كلُّه برسم الخيبة والوجع.

لم يكمل هو ما أراد قوله، غالبًا من باب الذوق، ولربما لضيق الوقت، على كلٍّ .. لا يخفى أن الخزان لم يطرق إلى اللحظة، وأن الأجيال والحمد لله، لا زالت تتسابق الى الخيبة.


تحيّة

م م يقول...

لم اقرأ رجال تحت الشمس
لكن بمروري هنا
اجدني الان مصراً على قرائتها
وسوف اتساءل معك
لماذا لم يدقوا جدران الخزان؟!

اشكرك
وتحياتي لك

لبنــــــــــى يقول...

محمود نورت المدونة
و كل مرة رح نقراها رح نكتشف شي جديد مش عارفة السر بس يمكن لما الخبرة بالخيبات بتزيد بتفهم مواقف كنت مفكر حالك فاهمها
بس للاسف بعد الفهم شو رح يصير ؟

محمود مش حرام شعب سواق التكسي فيه عم بشرح امثلة و استعارات انو يضل تحت حكم ابو خيزران بس باوجه مختلفة
و يضل تحت الاحتلال لهلا
مش تعصب بس هادا الشعب بستحق افضل من هيك بكتير

و انا كمان فسرلي اياها خالو زمان و التفسير بينطبق و الا انت شو رايك

شكرا لمرورك


مسرور : كتابات غسان كنفاني مميزة جدا و كل قصة رح تلاقي فيها غبرة او الم او فرح بميزها عن الاخرى
انا من عشاق قلم كنفاني يمكن لانو رافقني طوال عمري

لماذا لم يقرعوا جدران الخزان
انا حاليا بقدر فسرها انو من كتر الخيبات تمسكنا بمسمى الصبر اللي بالنهاية بادي للموت بطريقة او اخرى
لكن مش كل استكانة و استهانو و استهتار بتسمى صبر

أريد أن أحيا بهدوء يقول...

جفرا .. والقلب على اليسار

تأكدي بأني من متابعيكِ مع أني لم أعلق يوماً على ما نشرت..

أريد أن أطلعك على سر خطير قبل موتي
http://mitlimitilkom.blogspot.com/2010/07/blog-post.html

لبنــــــــــى يقول...

اريد ان احيا بهدوء
شكرا للتعليق
و طول بالك
ليش سيرة الموت ؟

أريد أن أحيا بهدوء يقول...

مارست جريمتي هنا .. لكنك لم توفِ بعهدك ولم تعطني شقائق النعمان او حتى الأمل

orangee. يقول...

ههههه مكتبة الأمـــل ...:-) ذكرتيني فيها والله ...إييه أيام وعدت ...الحقيقة أتمنى لو كنت من الصغر أقرأ ولكني بدأت القراءة حديثا ....للقراءة لغز ساحر ومتعة مشوقة , لاقتناء أي كتاب والبحث في رفوف مكتبة سحر من نوع خاص ....الكتاب خير صديق في هذا الزمان ....

لبنــــــــــى يقول...

orangee:
افهم من هيك انك من رواد الامل
مش مشكلة يمكن الشي الوحيد اللي ما بيرتبط بعمر هو القراءة

نورت المدونة