تصدح المآذن بالتكبير تركض نحو النافذة المطلة على الشارع الرئيسي كعادتها منذ صغرها لترى جموع المصلين يلبسون الثياب البيضاء يتجهون الى الجامع الكبير الذي تتزين ماذنه منذ اول يوم في رمضان انه العيد
لم تنتبه في صغرها الى الاطفال و هم فرحين و يتراكضون بسرعة و كان اجنحة هي التي تحملهم و تطير بهم و ليس ارجل صغيرة لا تكاد ان تترك اثرا على الارض من خفتها
يعرفون ان اليوم لهم . تتذكر كم كانت تفرح بملابس العيد و كيف كانت تخبأ جواربها الصغيرة حتى لا تلبسها احد اخواتها بالخطا و كيف كانت تسهر طوال الليل تنظر خلسة بين الفنية و الاخرى الى ملابسها كانها تخاف ان تختفي فجاة
و كم تتمنى لو ان لها طفلا تعد له العدة كما تفعل جميع الامهات و تتسوق له ملابس جديدة و عطرا و مشطا تسرح به شعره او شعرها لا فرق المهم ان يكون لها طفل يشعرها بالامومة فقط
كم تشتاق الى ان تدب الاقدام الصغيرة في منزلها الذي اصبح موحشا بعد خمسة سنوات من الزواج مرت و كانها عشرون سنة
تستمع الى شخير زوجها الذي تعودت عليه لدرجة انه اذا لم يشخر تصحو من نومها لتتاكد انه بخير
بدا يوم العيد و المجاملات و ضبط النفس كلما وجه اليها سؤال عن عدم انجابها للان و كم مرة ستقول انها توجهت الى الطبيب مع زوجها و لم يجد ما يمنع الحمل الا ارادة الله كم مرة عليها ان تبرر بالقدر حياتها كما بررت زواجها
نصيب - الله بدو هيك تلك الكلمات التي تبرر بها زواجها و موت اقرب الناس اليها . كيف تكون بداية الحياة للبعض هي كانتهائها
انتهت من اعداد القهوة السادة و الكعك الذي اعدته حماتها . استيقظ زوجها متذمرا من صوت المآذن و صراخ الاطفال
- يعني الواحد ما بصحلوا ينملوا شوية بالاجازة
- كل عام و انت بخير اليوم العيد
- بعرف انو الزفت و شو صار هلا الاهل ما الهم حكم على ولادهم ينيموهم شوي و ما يزعجوا الجيران
- نظرت من النافذة فوجدت احمد ابن الجيران و هو ممسك بمسدس صغير يطلق منه النارعلى فريق اخر من اطفال الحي و هو يصرخ يا يهودي و الله لطخك
ضحكت في سرها ( يسمح لنا ان نحارب العدو في ايام العيد و نحن صغارا و توفر لنا الطلقات و الاسلحة و عندما نكبر نحجز اما في مستشفى المجانين او نعتقل )
ظل زوجها يكرر تذمره من العيد هو يتذمر من اي شيئ مفرح او محزن و اي شيئ .
لم يتغير و لن يتغير و لكنني انا التي تغيرت باسم الزواج و الاسرة و اين تلك الاسرة انها توقفت عند الرقم اثنين هو وهي
توجها لمعايدة الاهل مساءا
- اسمعي مش كل ما تشوفيلي ولد تعطيه الشوكلاتة وتعيديه يا ستي انا ما عندي ولاد و ما بدي حدا يعيد ولادي اذا اجو هادا اذا
و اسمعيني انا جوز اختك هادا اذا كان موجود بنشرب القهوة و بناكل السم و بنقوم لا تقوليلي عشا و لا زفت
ظلت تراقب الانوار من بعيد غير ابهة بما تسمعه
كم عيد مر عليهما و سمعت ذات الحديث كان يكفيها المرة الاولى لتصدم اما الان فهي من واجبها ان تمتص غضب زوجها من اي شيء او غضبه من لا شيئ
كما تقول لها امها دوما
هذا جوزك اذا عصيتيه الله بغضب عليكي و علينا اصبري و رح تدخلي الجنة
الجنة التي كانت تتوقع ان تحياها معه اصبحت ايضا في صف الانتظار و مع الايام اصبح طابور الانتظار طويلا تقف فيه الجنة و الاولاد و الابتسامة ايضا
اصبحت تشتهي الابتسامة من قلبها
دخلت الى بيت اهلها و توالت القبلات و الابتسامات و الدعوات لها ان ياتي العيد القادم و هي تحمل ابنها على يدها
- يعني لو كنت ارنبة ما بحمل و بخلف بين العيد الصغير و العيد الكبير و ابتسمت لمجاملة الجاسين
اضافت الى قائمة الانتظار العيد الذي ستحمل به مولودها على يدها و نظرت بلا مبالاة الى زوجها و هو ينتقي حبات الشوكولاته من الصينية الكبيرة و يدسها في جيبة مبررا انه يخاف ان يلتقي بطفل ما في الشارع و ان لا يجد ما يعطيه اياه
انه العيد
انه الكذب
لم تبالي بتصرفات زوجها مادام اهلها يبروون له جميع تصرفاته
انتفخت جيوبه لدرجة مستفزة و قررت العودة الى المنزل
عند نزولهما التقت بطفل ناولته قطعة كانت ما تزال بيدها تعجنت من كثرة الضغط عليها و لم تشعر اصلا بوجودها فامتدت يد زوجها لتلقفها بسرعة
- روح حبيبي عند ماما بتعطيك من اللي مخبيتو و انصرف الولد
- ولك ما بتعرفي هادا ابوه لو حب يجيبلو مصنع حلويات لاشتراله اياه هلا يعني بتعطيه هالحبة هو ناقصها يعني
- وين صفيت السيارة تعبت لابسة كعب و ما بدي امشي
- ما اشتقتي لنمشي سوا يلا بنكزدر شوي
التقت بطفل اخر لكن هذه المرة من المتسولين
- روح الله يلعن اللي خلفك و زتك علينا
- طيب عطيه حبة حلو
- يروح ينقلع ما بستحي هو و اهلو لا حبيبتي هدول اغنى منك و مني
- بس هو طفل صغير فرحوا فيها
- يا ستي انا ما عندي ولاد و لا بدي افرح حدا
- شو قصدك كل شوي ما عندي ولاد ما عندي ولاد شو نعمل ما انت عارف الموشح لا انا و لا انت عنا اشي بس نصيب
- نصيب يا حبيبتي بدو كهربا ليشوف
- مش بس كهربا بدو اكتر من هيك
جلست على كرسي مقابل غرفة النوم تراقب زوجها علها تجد سببا يغريها للبقاء معه اكثر
بدا بخلع ملابسه و رمى بنطاله على الارض كما يرمي دوما بمشاعرها غير مبال
و راح يبحث عن بيجامته و الا به يدوس على قطع الشوكولات المخباة في جيبة و التي رفض ان يناول قطعة منها لا طفل مار بالقرب منهما لا الغني و لا حتى المتسول و صهرها الحر و انتشرت على بنطاله و قدمه و الارض عندما داس عليها
و انفجرت ضاحكة ليس الا
- على ايش بتضحكي ما اخف دمك ؟ يعني كويس هيك توسخت الدنيا هدول مو طالعين من نفس امك
و مازالت تضحك
- بتعرف ليش بضحك لانك اناني ما عطيت حتى الشحاذ قطعة و الله ما هناك فيهم عرفت ليش هلا الله ما بدو يعطيك و لا شي
لأنك ما بتعرف تعطي . يعني بدك كل شي الك حتى لو كبيتوا بالزبالة
و رح تكبني الي في الزبالة
و استمرت في الضحك
قال لها
- طيب قومي نضفي الارض و اغسلي البنطلون مش زي المرة الماضية ضلوا مطبع و ما لبستوا بعد هيك
بعد ثلاث سنوات
مازالت تضحك كل عيد حتى صارت ضحكاتها بلهاء لا تلفت نظر زوجها
وهو يبعث ببنطاله الى مغسلة الملابس - دراي كلين - لان زوجته لا تجيد اخفاء بقع الشوكولاته
كما كانت امه تفعل قبل زواجه .
هناك 11 تعليقًا:
طول التدوينة وانا بستغرب على تصرفاته وانها مستحملاه
لكن فى اخر التدوينة القيت اللوم عليها لانها تعلم طباعه من قبل الزواج وبالرغم من انانيته برضه قبلت بيه زوج
تحياتى
يستاهل هذا الرجل الفض ولا لا لكن السؤل لماذا هذه السلبيه لماذا كل هذا الحزن ؟ ياترى موروثات مجتمعنا هى التجبرها على البقاء ؟ ام هى اراده استسلام تنبع من داخلها ؟
قصه مبدعه واقعيه تلمس الكثير من سلبيات مجتمعنا
دمتى بكل الود
تقبلى مروى
يااااا الله ما انكده...جد قهرني
كل انسان في طابور خاص فيه للاشياء اللي بستنا حدوثها, بعضها مشترك بين الجميع و بعضها خاص فيه, و هالطابور ما بمشي الا اذا احنا اجبرناه والا بتتراكم الامور و بصير الطابور طويل ومع الوقت بننسى شو اللي كنا بدنا اياه وبننسى اهدافنا و بننسى معنى حياتنا معها
قطة الصحراء
يا اهلا
عن جد بنستغرب قدرة البعض على انهم يتحملوا يمكن لانو من الاساس فيهم عيب ؟
او يمكن الاستسبلم لكلمة رضا الزوج من رضا الرب
بس هل الرب بيرضى انو نكون تحت رحمة بعض انواع من الازواج و هاذا ابسط مثال الهم ؟
ويسبر في ناس بتضل تكوم بهالطابور ليهتروا من الانتظار
و في ناس بتلحق حالها
هاا بعتمد على الانسان و قدرة تحملوا
عن جد بنبسط لما اشوفك عندي
ماء تشرين مساء الخير
يا ستي موروثات المجتمع انا بعرف وحدة جوزها كان يصبحها و يمسيها على قتلة و بس تقدر تقوم منها كانت تحضرلوا الغذا
و الفقر
الجهل
و اللي اسوا الاستسلام للحياة تلطش فينا
و الطلاق مش سهل على فكرة سيبك من القيل و القال و المجتمع و مين بدو يصرف
الانسانة نفسها بتنكسر بعد الطلاق في مرحلة ما لكن استعادتها لروحها بعتمد عليها و هاي صعبة كتير
ما تغيبي عنا يا قمر
صبر لا مبرر له
رغم اني لا اراه صبراً بل اراه جريمه
لم نخلق على الارض لنتعذب
ومن اقنعونا بترك الدنيا طمعاً في الاخرة جهلاء
بل اغبياء
انا ارى انه لا سماء بلا ارض
وهناك مقوله لابن تيميه " في الدنيا جنة من لا يدخلها لا يدخل جنة الاخرة"
ان لم تسعى للطلاق هي آثمة في نظري
فالاسلام ليس مرادفاً للعذاب
والصبر ليس مدعاة للذل
ذلك الزوج لا يستحق البقاء معه لحظة
----------------
اعذريني فذلك الزوج نرفزني ولولا الخوف من الاطالة لما انتهيت
-----
قصة جيدة
تحياتي لك
مسرور اطل كما شئت " المدونة على حسابك :)"
كتير اشيا بنصبر عليها ما الها مبرر
بس على فكرة هاي قصة من وحي خيالي ولو انها قريبة للواقع بس بتفتكر مين السبب الاساسي بالسلبية اللي فيها الزوجة ما تقولي المجتمع و لا الدين
هم الاهل اللي بربوا بناتهم على مبدا شو ما كان جوزك ارضي فيه
احنا و بهالزمن في بنات جامعيات و بنات عالم و ناس بتنضرب من زوجها و بخونها و بسود حياتها لا بل بتمتد ايده لمستقبلها المهني كمان لكن صابرين مش لانهم ضعاف او فقرا بس هي الافكار اللي بتنزرع احيانا من المهد بتقصرالطريق الى اللحد
تحية
(بالمشرمحي)
هيك رجل بدو اقرب شباك
لتزتو الوحدة منو
اعذري ردة فعلي..لكن قصتك فيها من
الواقعية الكثير..وصرنا نشوف هالنماذج
بكترة هالايام
جفرا..خفي عليّ شايفتلك رح اعتزل الغرام
لكن تبقين مبدعة كعادتك
بـ ـتـ ـو جـ ـع !!!
جدا موجعة و المؤلم أكثر انها جدا واقعية
وكتير ناس عايشين هالنوع من الحياة ممكن بتختلف بعض التفاصيل بس هاد الوضع اللي بخلي الانسان بشكل معين ينفصل عن واقعه ..بصير يتفرج عليه كأنو بخص حدا تاني
الزوج لا يحتمل وحياتها كلها لا تحتمل مع هيك وبعد 3 سنين مازالت بتعيش ..معه .. على نفس الحالة ونفس الوتيرة .. بتعد الايام اللي بتخلص مو الايام اللي رح تيجي
كتير موجعة ):
ياسمين طولي بالك شو تعتزلي
شوفي انا بكتب هيك قصص و انتي اكتبي بالغرام
يعني وحدة بتكسر ( انا ) و ووحدة قمر بتجبر ( انت )
همسة
بالفعل بصير الانسان يتفرج على حياتو كانها فلم او شي مارق ما بخصوا
غريب هادا الشعور و قاتل كمان
إرسال تعليق