الجمعة، أغسطس 28، 2009

وحدهم هم من يستطيعون


غرفة بيضاء تزينها اضواء و بالونات زهرية اللون كل شيئ كان مثاليا يوم ولادتها لبكرها اتت الممرضةو هي تحملها

ذلك النور الذي يتسلل اليها لم تتوقع ابدا انها تستطيع ان تحتضن الشمس دون ان تحرقها.....

و ضمتها الى صدرها و احست بحرارة اذابت كل ما تركه تعب الايام و السنين اذابت كل الجليد المتراكم .

تاملت في وجه الشمس التي بين يديها
- انت نور يجب ان تكوني نور -

تلك هي هدية السماء التي انتظرتها طوال سنتين من الزواج و الصبر الان انت من ستجعلي حياتنا تستحق المقاومة و تستحق العناء

تزوجت بيوسف بطريقة تقليدية احست بالحب اتجاهه و لكنه كان دوما بعيدا . لم تترك وسيلة الا حاولت ان تكون امراته التي يستحق

"يوسف" هو هاجسها الذي يخيفها . لم يكن معها ابدا بذاته ... تشعر بذلك الجدار الشفاف بينها و بينه
ستكون نور هي اول شق لهدم ذلك الجدار . دخل بحيويته المعتادة الى الغرفة القى نظرة حانية عليها
- حمد لله على سلامتك ؟ كيف هي ربى ؟

ربى ؟؟؟؟؟؟؟ اطلق عليها اسمها . كيف يستطيع ان يقتل فرحتها الاولى ؟ الشق الذي كانت تتمناه لم يعد شقا . بل سيكون ذلك الجدار اللعين اقوى بوجودها بينهما

- انا لا اريد ان اسميها ربى

- لم لا ؟ على العموم انا اسميتها و صارت ربى

- ساذهب الى دورة المياه اريد ان اغسل وجهي

- ساساعدك

- لا الممرضة ستفعل



دخلت الى الحمام و هي تحس بانه ملاذها لتفريغ الغضب . كانت تعرف بامرها و ما يريحها من ذنبها انها ماتت . كيف له ان يربطها بماضيه هكذا بكل قسوة
زوجته الاولى و التي ماتت بالسرطان و بقى حزينا عليها . و الان ما زال يتذكرها ؟ كيف له ان يعيش في الماضي و يسحبها معه اليه . تعيش في ماضي زوجها بينما الحاضر بينهما باردا و قاسيا

لم تكن السبب بموتها .

لم يفهمها احد ابدا قالت لها امها انها مسألة وقت و سيتعود على الواقع و يعيشه و الذي حصل انها هي من تعودت على ماضيه و تعيشه

لم تغضب عندما يناديها باسمها تفتعل الصمم
لم تستنكر انه لا يحب الذهاب للسينما لانه تعود ان يذهبها معها - يللاا بلا سينما و بدأت بالاستغناء عن اشياء كثيرة لتستمر الحياة و لتحاول هي بعد كل كبوة حتى في بيتها ما زال يحتفظ في مكتبه بصورها و يتحدث اليها ليلا و هو ممسك بتلك الصور اللعينة يتودد اليها و كانت تسمع بكاؤه عليها احيانا
لماذا تزوجها اذا ؟ و لم قبلت به ؟ هو لم يخدعها بل قال لها ان لتلك المتوفاة نصيبا طيبا منه حتى بعد موتها . اعترف لها انه لا يود نسيانها
قال لها يوما اتعرفين انني احببتها لخمس سنوات و لم يوافق اهلها على زواجنا و عندما وافقوا هم و تزوجنا اعترض القدر علينا و مرضت و ماتت بلا انين . كان موتها فجاة بلا مقدمات صدمة له لم يتوقعها
ترددت عندما سمعت هذا الكلام منه و ما كان من حماتها الا ان قالت لها هذا كلام فقط و انت و شطارتك رح ينساها و الحي ابقى من الميت
و مهما حاولت و فعلت لم يكن لها ما تريد

بل زاد ذلك الجدار علوا بينهما

هو لم يرد ان تكون الا روتينا اجتماعيا و هي ارادت ان تكون حبيبته فقط
كانت متطلباتها بسيطة كمفاجاة منه لها كوردة حمراء في ليلة شتائية باردة فقط . بعض من الحب التي كانت تقرأ عنه و تسمع عنه ...
و لم تياس و الان ياتي ليهدم الامل الوحيد لها بازالة الجدار بينهما و يسمي ابنتها باسمها ؟ ما العمل
غسلت وجهها اكثر من مرة علها تصحو من ذلك السكون خرير الماء لم يسعفها و لم يسعفها الا صوت الممرضة ياتيها من خلف الباب


- الست بحاجة الى مساعدة ؟ ربى تريد ان ترضع

فتحت الباب بعصبية و هي تصرخ اسمها نور و ليست ربى
نظرت الى زوجها و قالت له

- اذا ارتني و اردت ابنتك و بيتك فربى لم يعد لها وجود بيننا - ماتت الله يرحمها - و انا الان زوجتك و ابنتك نور اسمها نور و اذا لم ترد فانا في بيتي و اذهب اسكن المقبرة بجانبها و دعنا وشاننا

لم يهمس بحرف بل اومأ براسه و رحل
عاد الى بيته بعد شهر كامل لم يسال خلاله عن ابنته و لا عن زوجته و لكنه عاد و هذا ما يهمها
انكسر ذلك الحاجز بينهما قليلا و كانت سعيدة به و بتصرفها الذي ادار لها دفة الحياة باتجاه جديد
بعض الامور تحتاج الى الصد لتعود الى طبيعتها و بعض الناس يحتاجون الى قوة و صدمة ليكونوا ما يجب ان يكونوا
بعد سنوات اوقعت نور كتابا من المكتبة و سقطت منه ورقة

- ما الذي سقط يا نور

- ماما هذه صورة ربى كم كانت جميلة الله يرحمها


امسكتها و هزتها بعنف و لم تدر كم كانت قبضتها قوية الا عندما ارتجفت طفلتها و عادت الى الوراء تنظر اليها بخوف

- من اين تعرفين عن ربى

- بابا كان يحدثني عنها دوما .

صدمتها الكلمات التي قالتها ابنتها عن تلك المراة
بل ما صدمها هي- نفسها- و كيف ضحكت عليها و اقنعتها بانتصارها على الموتى .

هم الموتى الوحيدون القادرون على الانتصار دون خسائر
فقط هم الموتى يستطيعون الحياة بيننا دون حواجز

و استمرت الحياة بعدها كما هي............



هناك 8 تعليقات:

م م يقول...

لم اتعاطف معها كثيراً بل شعرت ان النساء بارعات في صنع النكد من لا شيء

المشكلة عادية و بصنع البهجة والتفاؤل في البيت كان من الممكن ان تتغير اشياء كثيرة
كان من الممكن ان تحل محل ربى واكثر
لكنه كما قلت احتراف النكد
والرجل هنا لن ينسى ربى اطلاقاً
لان زوجته هي من تحييها بداخله
فليسمي ابنته باسمها مالمانع
فليحتفظ بصورها مالمانع

هل لو ماتت هي كانت تقبل ان ينساها ويتخلص من صورها
وليتها احبت ربى هي الاخرى

ومع كل ذلك كتابتك اكثر من رائعة
ولا ضير من الاختلاف في الرؤى
تحياتي لك

غير معرف يقول...

بداية تعاطفت معها
لكن في منتصف الطريق وجدت ان هناك عشقاً
صعب له ان ينطفئ
حتى وان فارقتنا الاجساد
مخطئ من يقول ان الحب يصبح ذكرى مع الايام
بل هو عبارة عن بصمة محفورة داخل الروح
والى ما شاء الله..
لكن هذا ان وُجِد

احببتها جداً ..جفرا

م م يقول...

التعليق الاول جاء بعد قراءة سريعة وقت اذان المغرب بالضبط يعني قبل الافطار (:
واظن انني كنت ظالماً فيه
لن اكون انا والزمن عليها
فهي لم تفرح باختيار شيئ في حياتها
كأغلب النساء في بلادنا
في الواقع النساء في بلادنا مكسورات الجناح ):
وقليلات جداً منهن العقارب
حتى عقربتهن غالباً تكون بفعل الرجل
وبرؤيتي الاولى والثانية اعجابي لم يتغير
قصة رائعة
اعرف انني اطلت
انت حرة في الابقاء
على التعليق الاول او ازالته
تحياتي لك

همسة يقول...

مسكينة هي تلك المرأة التي تضطر ان تقاسم حياتها مع ذكرى
ومسكين هو ذلك الرجل الذي بخل بحياته على من يشاركه بها .. ليكرسها لمن فارق الحياة وافترش التراب

هذا ليس تكريم للموتى .. هذا هوس

اسلوبك رائع .. والقصة "بتقهر"!

لبنــــــــــى يقول...

مسرور:
في فرق بين راي الواحد قبل الفطور و بعده لكن رايك بالحالتان يتحدث عن المراة
المراة في مجتمعنا
بتعرف شي انا شخصيا بشوف انو المجتمع نفسوا مضطهد مش بس المراة
( و انا حبيت احتفظ بالتعليقين بعد اذنك )
تحية

لبنــــــــــى يقول...

ياسمين الرقيقة :
بعض الامور التي نقوم بها لا تكون متزنة لانها صادرة عن الا وعي فينا
بالنسبة الى ( ان وجد) سيكون موجودا و اتمناه لك نقيا
ود

لبنــــــــــى يقول...

همسة ما عاش مين يقهرك
بس انا عم شوف انو هو عم بتصرف نوعا ما بانانية صادرة عن الا وعي
بما اني انا اللي كتبت من خيالي
فلازم ادافع شوي عنو :)

مجنون يقول...

إيه ..
أتعلمين ؟ .. أنا ممتن لك كثيراً لأنكِ أخرجتِني من جو الأخبار والتدوينات السياسية وتفاعل الأحداث ، فكانت قراءتي لهذه التدوينة نوع من اللجوء كاسم مدونتك .أحسست بعودة شيء لي بعد قراءتها ولو كانت تراجيدية نوعاً ما .

برأيي .. ليس من حق أحد _ حتى أقرب الناس إلينا _ أن يسلبونا ذكرياتنا ، وبالمقابل يقال : من لا يكذب على المرأة ، لا يقيم وزناً لمشاعرها .
لكني أستبدل كلمة كذب هنا .. بكلمة دبلوماسية .

تحية جفراً .
شكراً لك